السعادة : شئ معنوي لا يُرى بالعين ، ولا يُقاس بالكم ، لا تحويه الخزائن ، ولا يُشترى بالدينار أو الدولار .
السعادة شئٌ يشعر به الإنسان بين جوانحه .. صفاء نفس، وطمأنينة قلب، وانشراح صدر، وراحة ضمير.
السعادة شئ ينبع من داخل الإنسان ، ولا يستورد من خارجه . السعادة بذل وتضحية وعطاء .
السعادة سرورٌ داخلي عندما نقوم بعمل نبيل .
السعادة مدد ألهي يُضفى على النفس بهجة وأريحيّة.
السعادة هبة ربانية ، ومنحة إلهية يهبها الله مَنْ شاء مِنْ عباده جزاءً لهم على أعمال جليلة قاموا بها .
السعادة شعور عميقٌ بالرضا والقناعة . السعادة ليست سلعة معروضة في الأسواق تُباع وتُشترى ،
فيشتريها الأغنياء ، ويُحرمها الفقراء .. ولكنها سلعة ربانية تبذل فيها النفوس والمُهج لتحصيلها والظفر بها.
السعادة راحة نفسية .
السعادة أن تُدخل السرور على قلوب الآخرين، وترسم البسمة على وجوههم، وتشعر بالارتياح عند تقديم العون لهم، وتستمتع باللذة عند الإحسان إليهم.
السعادة في تعديل الفكر السلبي إلى فكر إيجابي مثمر .
السعادة في حُسن تربية الأبناء وتنشئتهم على ما يحب الله ورسوله
السعادة في العلم النافع والعمل الصالح . السعادة في ترك الغلَّ والحسد والحقد والبغضاء وترك النظر إلى ما في أيدي الآخرين .
السعادة في ذكر الله وشُكره وحُسن عبادته. السعادة في الفوز بالجنة والنجاة من النار ، والتمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }
سورة القيامة : آية (23،22) .
(( حوار مع السعادة ))
قيل للسعادة : أين تَسكُنين ؟
قالت : في قلوب الراضين .
قيل : فبِمَ تتغذين ؟
قالت : من قوة إيمانهم .
قيل : فبِمَ تدومين ؟
قالت : بحُسن تدبيرهم .
قيل : فبِمَ تُستَجْلبين ؟
قالت : أن تعلم النفس أن لن يصيبها إلاَّ ما كَتَبَ الله لها .
قيل : فبم ترحلين ؟
قالت : بالطمع بعد القناعة ، وبالحرص بعد السماحة ، وبالهمَّ
بعد السرور ، وبالشكَّ بعد اليقين .
(( سعادتك في أهدافك ))
إن سبب شقاء كثير من الناس هو عدم وجود أهداف يسعون إلى تحقيقها، وقد تكون لهم أهداف، ولكنها ليست نبيلة أو سامية ، ولذلك فإنهم لا يشعرون بالسعادة في تحقيقها .
أما الذي يحقق السعادة فهو الهدف النبيل والغاية السامية.
إن الأهداف العظيمة تتيح للفرد أن يتجاوز العقبات التي تعترض طريقه ، ويستطيع خلال ذلك أن ينتج في وقت قصير ما ينتجه غيره في وقت كبير جداً .
فالمرء بلا هدف إنسان ضائع . فهل نتصور قائد طائرة يقلع ، وليس عنده مكان يريد الوصول إليه ، ولا خارطة توصله إلى ذلك المكان ؟!! ربما ينفد الوقود ، وتهوى طائرته ، وهو يفكّر إلى أين يذهب ، وأين المخطط الذي يوصله إلى وجهته .
(( سر السعادة ))
إن سرَّ السعادة هو سكينة واطمئنان القلب ، مما يؤدى إلى استمتاع الإنسان بحياته رغم مروره بالشدائد والنكبات .
إنه السرُّ الذي باح به الإمام ابن القيم ، فقال : (( في القلب شعثٌ لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله ، وفيه حُزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يُسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسراتٌ لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والإنابة إليه ، ودوام ذكره ، وصدق الإخلاص له ، ولو أُعطى الدنيا وما فيها ، لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً )) .
إنها الصلة الربانية ، صلة الأرض بالسماء ، تجعل الإنسان يعيش سعيداً ومطمئناً . إنه السرُّ الذي جعل الإمام أحمد بن حنبلٍ يعيش سعيداً ومطمئناً ، مع أن ثوبه مرقّع ، ويخيطه بيده ، ويسكن في ثلاث غرفٍ من طين ، ولا يجد إلا كسرات الخبز مع الزيت ، وبقى حذاؤه - كما قال المترجمون - عنده سبع عشرة سنه ، يرقعه ويخيطه ، ويأكل اللحم في الشهر مرة .. إنه بمقياس أهل الدنيا الآن: مسكين وحزين وتعيس. ولكن لا يعلم هؤلاء أن السعادة الداخلية والرضا الداخلي لا يشعر به أحد غير صاحبه ، لأنه بالداخل في الأعماق ، ولأنه موصول بالله ، فهي الروح التي تنبض للحياة بالحركة ، والنور الذي يشع للإنسان طريقه ، إنه السرُّ في صناعة النجاح .. وفى الحديث (( إذا أحبّ الله تعالى العبد ، نادى جبريل : إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، فينادى في أهل السماء : إن الله تعالى يحبّ فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ))
متفق عليه : رواه البخاري
(( سعادتك في داخلك ))
سعادتك في داخلك فلماذا تبحث عنها بعيداً وتسافر في طلبها. سعادتك في إيمانك بالله - جلَّ وعلا - .
سعادتك في صُحبة الأخيار والتعايش مع كل حرف من حروف كتاب العزيز الغفار، وفى التَّلذذ بذكر الواحد القهار.
سعادتك في إدخال البسمة والفرحة على اليتيم والمسكين والمريض والمُبتلى والمحزون. سعادتك في الزهد في الدنيا والتطلع لنعيم الجنة التي فيها ملا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
(( السعادة في داخل الإنسان ))
السعادة ليست في وفرة المال، ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد، ولا نيل المنفعة، ولا في العلم المادي.
السعادة شئ معنوي لا يُرى بالعين ، ولا يُقاس بالكم ، ولا تحتويه الخزائن ، ولا يُشترى بالدينار ، أو الجنيه أو الروبل أو الدولار ... السعادة شئ يشعر به الإنسان بين جوانحه .. صفاء نفس، وطمأنينة قلب، وانشراح صدر، وراحة ضمير.
<><><><><><><><><><><<><><><><><><><><><><<><><><><><><><><><><
حدَّثوا أن زوجاً غاضَب زوجته، فقال لها متوعداً: لأُشقينك ،
فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني ، كما لا
تملك أن تسعدني .
فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟
فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عنى ، أو زينة من الحلي لحرمتني منها ولكنها في شئ لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !
فقال الزوج في دهشة: وما هو ؟
فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربى .
هذه هي السعادة الحق، السعادة التي لا يملك بشر أن يعطيها، ولا يملك أن ينتزعها ممن أُتيها، السعادة التي شعر بنشوتها أحد المؤمنين الصالحين فقال: إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجادلونا عليها بالسيوف !